تفسير سورة الانسان
تفسير سورة الانسان كما سنتعرف على تفسير سورة الإنسان للاطفال وايضا تفسير سورة الإنسان السعدي وايضا تفسير سورة الإنسان لابن كثير كل ذلك في هذه السطور التالية.
محتويات الموضوع
تفسير سورة الانسان
تفسير سورة الإنسان عدد آياتها 31 ( آية 1-31 )
وهي مكية
{ 1 }” هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ”
قد مضى على الإنسان وقت طويل من الزمان قبل أن تنفخ فيه الروح, لم يكن شيئا يذكر, ولا يعرف له أثر.
{ 2 }” إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ”
إنا خلقنا الإنسان من نطفة مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة, نختبره بالتكاليف الشرعية فيما بعد, فجعناه من أجل ذلك ذا سمع وذا بصيرة ليسمع الآيات, ويرى الدلائل,
{ 3 }” إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ”
إنا بينا له, وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر; ليكون إما مؤمنا شاكرا, وإما كفورا جاحدا.
{ 4 }” إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا ”
إنا أعدنا للكافرين قيودا من حديد تشد بها أرجلهم, وأغلالا تغل بها أيديهم إلى أعناقهم, ونارا يحرقون بها.
{ 5 }” إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ”
إن أهل الطاعة والإخلاص الذين يؤدون حق الله, يشربون يوم القيامة من كأس فيها خمر ممزوجة بأحسن أنواع الطيب, وهو ماء الكافور.
{ 6 }” عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ”
هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله, يتصرفون فيها, ويجرونها حيث شاؤوا إجراء سهلا.
{ 7 }” يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ”
يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله, ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيرا, وشره فاشيا منتشرا على الناس, إلا من رحم الله,
{ 8 }” ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ”
ويطعمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه, فقيرا عاجزا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئا, وطفلا مات أبوه ولا مال له, وأسيرا أسر في الحرب من المشركين وغيرهم,
{ 9 }” إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ”
ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله, وطلب ثوابه, لا نبتغي عوضا ولا نقصد حمدا ولا ثناء منكم.
{ 10 }” إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ”
إنا نخاف من ربنا يوما شديدا تعبس فيه الوجوه, وتتقطب الجبال من فظاعة أمره وشدة هوله.
{ 11 }” فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ”
فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم, وأعطاهم حسنا ونورا في وجوههم, وبهجة وفرحا في قلوبهم,
{ 12 }” وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ”
وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا, ويلبسون فيها الحرير الناعم,
{ 13 }” متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ”
متكئين فيها على الأسرة المزينة بفاخر الثياب والستور, لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد,
{ 14 }” ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ”
وقريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم, وسهل لهم آخذ ثمارها تسهيلا.
{ 15 }” ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ”
ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضية, وأكواب الشراب من الزجاج,
{ 16 }” قوارير من فضة قدروها تقديرا ”
زجاج من فضة, قدرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص,
{ 17 }” ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ”
ويسقى هؤلاء الأبرار في الجنة كأسا مملوءة خمرا مزجت بالزنجبيل,
{ 18 }” عينا فيها تسمى سلسبيلا ”
يشربون من عين في الجنة تسمى سلسبيلا لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه
{ 19 }” ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ”
ويدور على هؤلاء الأبرار لخدمتهم غلمان دائمون على حالهم, إذا أبصرتهم ظننتهم- لحسنهم وصفاء ألوانهم إشراق وجوههم- اللؤلؤ المفرق المضيء.
{ 20 }” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ”
وإذا أبصرت أي مكان في الجنة رأيت فيه نعيما لا يدركه الوصف؟ وملكا عظيما واسعا لا غاية له.
{ 21 }” عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ”
يعلوهم ويجمل أبدانهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر, وظاهرها من الحرير الغليظ, ويحلون من الحلي بأساور من الفضة, وسقاهم ربهم فوق ذلك النعيم شرابا لا رجس فيه ولا دنس.
{ 22 }” إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ”
ويقال لهم, إن هذا أعد لكم مقابل أعمالكم الصالحة, وكان عملكم في الدنيا عند الله مرضيا مقبولا.
{ 23 }” إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ”
إنا نحن نزلنا عليك- يا محمد- القرآن تنزيلا من عندنا لتذكرهم بما فيه من الوعيد والوعيد والثواب والعقاب.
{ 24 }” فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ”
فاصبر لحكم ربك القدري واقبله, ولحكمه الديني فامض عليه, ولا تطع من المشركين من كان منغمسا في الشهوات أو مبالغا في الكفر والضلال,
{ 25 }” واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ”
ودوام على ذكر اسم ربك ودعائه في أول النهار وآخره.
{ 26 }” ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ”
ومن الليل فاخضع لربك, وصل له, وتهجد له زمنا طويلا من الليل.
{ 27 }” إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ”
إن هؤلاء المشركين يحبون الدنيا, وينشغلون بها, ويتركون خلف ظهورهم العمل للآخرة, ولما فيه نجاتهم في يوم عظيم الشدائد.
{ 28 }” نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ”
نحن خلقناهم, وأحكمنا خلقهم, وإذا شئنا أهلكناهم, وجئنا بأطوع لله منهم.
{ 29 }” إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ”
إن هذه السورة عظة للعالمين, فمن أراد الخير لنفسه في الدنيا والآخرة اتخذ بالإيمان والتقوى طريقا يوصله إلى مغفرة الله ورضوانه.
{ 30 }” وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ”
وما تريدون أمرا من الأمور إلا بتقدير الله ومشيئته إن الله كان عليما باحوال خلقه, حكيما في تدبيره وصنعه
{ 31 }” يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ”
ويدخل من يشاء من عباده في رحمته ورضوانه, وهم الموفون, وأعد للظالمين المتجاوزين حدود الله عذابا موجعا.
شاهد ايضا: فوائد سورة الزلزلة للعين والحسد
تفسير سورة الإنسان للاطفال
اشتملت سورة الإنسان على مواضيع عدّة، وخاطبت فئات كثيرة، وذكرت صفات كل من المؤمنين والكفار واستجابتهم لأمر الله، وجزاؤهم عند الله -سبحانه وتعالى-، وهذه الموضوعات هي:
خلق الإنسان
الآيات التي تضمّنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا* إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
يُخبر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات الكريمة، بأصل نشأة الإنسان، وأنّه بدايةً لم يكن شيئًا يُذكر لضعفه وعجزه، ومن ثمّ خلقه الله من نُطفة مُختلطة، وهذا معنى كلمة أمشاج؛ ومن ثمّ يبدأ تكوّنه من طور إلى طور، وجعل له السمع والبصر ليبتليه في الدنيا بتنفيذه لأوامره وابتعاده عن نواهيه.
الهداية أو الضلال
الآيات التي تضمّنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا* إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا* إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا).
يُبيّن الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات الكريمة، أنّ بعد خلقه للإنسان هداه إلى سبيله؛ فمن النّاس من يهتدي بأمر الله ومنهم من يكفر به، ومن ثمّ أخبر الله -تعالى- أنّه أعدّ لمن كفر عذابًا أليمًا وسيقيّده بأغلال وسلاسل في نار جهنّم، وأنّ الأبرار الذين اهتدوا لأمر الله وأطاعوه، سيشربون من كأس مزاج ما فيه طيّب الرائحة كالكافور، وهي اسم عين ماء في الجنّة.
صفات الأبرار
الآيات التي تضمّنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا* إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا).
يُبيّن الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات الكريمة، صفات الأبرار وخصالهم، وأعمالهم، ولما استحقّوا الجنّة وما فيها من نعيم، فهم يوفون بالنّذر وهي الأيمان التي تكون على وجه القُربة لله وأداؤها واجب، ويخافون من أهوال يوم القيامة.
وما فيها من حساب وشرور، وهذا يدفعهم للإيمان بالله والأعمال الصالحة، ولأخلاقهم الفاضلة من إطعامهم الطعام للفقراء والمساكين والأيتام، ومعاونتهم للمحتاجين، ولا يبتغون في هذا الإطعام إلا رضى الله -سبحانه وتعالى- وخوفًا منه.
نعيم الأبرار في الجنة
الآيات التي تضمنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا* وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا* مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا* وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا* وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا* قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا).
(وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا* عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا* وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا* عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا* إِنَّ هَـذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا).
يُخبر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات، الجزاء الذي أعدّه لهؤلاء الأبرار، والنّعيم الذي سيلقونه في الجنّة، فيدفعُ الله عنهم خوفهم الذي كانوا يستعيذون منه، ويُدخلهم الجنّة لأنّهم صبروا على الطّاعة في الحياة الدنيا؛ فيتكئون على أسرّتها، ولا يكون فيها شمس حارقة ولا برد قارص، وتُظلّهم أشجار الجنة، وذُلّلت لهم ثمار هذه الأشجار فينالوها بأيديهم.
ويشربون فيها شرابًا طيبًا من الزنجبيل بكؤوس من فضّة، من عين في الجنّة تُسمّى سلسبيل، ولهم فيها وصفاء لا يموتون، وإذا رأيتهم في تجمّعهم أو تفرّقهم تحسبهم من شدّة بياضهم وحسنهم كاللؤلؤ، وفوقهم لباس رقيق من الدّيباج وهو السّندس.
والإستبرق؛ ما غَلظ من الدّيباج، ويحلّيهم ربّهم بأساور من فضّة، ويسقيهم شرابًا من طُهره لا يُصبح نجسًا، وكلّ هذا النّعيم ومنه لم يوصف بعد، جزاءً لهم على سعيهم في الدّنيا وطاعتهم لله فيها.
توجيه النبي للصبر والمداومة على ذكر الله
الآيات التي تضمّنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلً* فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا* وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا).
بعد أنّ بيّن الله -سبحانه وتعالى- نعيم الجنّة الذي أعده للأبرار، يبين أنّه أنزل القرآن على سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فيه الوعد والوعيد، ويشتمل على أوامره -تعالى- ونواهيه، وما يحتاجه العباد للقيام بالشرائع المطلوبة منهم، ويدعو الله -تعالى- نبيّه -صلى الله عليه وسلم- للصبر على حكمه الرّباني، فلا يعيقه شيء ولا يسخط منه.
ولا يتّبع ما يأمره به الكفّار الضالون؛ لأن أوامرهم تكون في معصية الله والصدّ عنه، ويدعوه أيضًا إلى كثرة الذّكر والمداومة عليه في جميع الأوقات، وأكثر من الصلاة في الليل التي يتحصّل به الإكثار من السجود، فأقرب من يكون العبد إلى الله وهو ساجد.
التذكير باليوم الآخر
الآيات التي تضمّنت هذا العنوان، قوله -تعالى-: (إِنَّ هَـؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا* نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا* إِنَّ هَـذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا* يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
يُنكر الله -سبحانه وتعالى- على الكفّار ومن يُحاول التشبّه بهم في حبّ الحياة الدنيا واتباعهم الشّهوات، وتركهم حياة الآخرة وما فيها من أهوال يوم القيامة وراء ظهورهم، فالله -سبحانه وتعالى- هو من خلقهم ولو أراد لبدّلهم بآخرين غيرهم، فهذا القرآن يُذكّر النّاس بطريق الله والسبيل إليه، فمن أراد الهداية يهديه الله له، ومن أراد الضلال يُضلّه الله ويُدخله نار جهنّم.
تفسير سورة الإنسان السعدي
” هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا “
قد مضى على الإنسان وقت طويل من الزمان قبل أن تنفخ فيه الروح, لم يكن شيئا يذكر, ولا يعرف له أثر.
” إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا “
إنا خلقنا الإنسان من نطفة مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة, نختبره بالتكاليف الشرعية فيما بعد, فجعناه من أجل ذلك ذا سمع وذا بصيرة ليسمع الآيات, ويرى الدلائل,
” إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا “
إنا بينا له, وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر; ليكون إما مؤمنا شاكرا, وإما كفورا جاحدا.
” إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا “
إنا أعدنا للكافرين قيودا من حديد تشد بها أرجلهم, وأغلالا تغل بها أيديهم إلى أعناقهم, ونارا يحرقون بها.
” إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا “
إن أهل الطاعة والإخلاص الذين يؤدون حق الله, يشربون يوم القيامة من كأس فيها خمر ممزوجة بأحسن أنواع الطيب, وهو ماء الكافور.
” عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا “
هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله, يتصرفون فيها, ويجرونها حيث شاؤوا إجراء سهلا.
” يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا “
يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله, ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيرا, وشره فاشيا منتشرا على الناس, إلا من رحم الله,
” ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا “
ويطعمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه, فقيرا عاجزا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئا, وطفلا مات أبوه ولا مال له, وأسيرا أسر في الحرب من المشركين وغيرهم,
” إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا “
ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله, وطلب ثوابه, لا نبتغي عوضا ولا نقصد حمدا ولا ثناء منكم.
” إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا “
إنا نخاف من ربنا يوما شديدا تعبس فيه الوجوه, وتتقطب الجبال من فظاعة أمره وشدة هوله.
” فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا “
فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم, وأعطاهم حسنا ونورا في وجوههم, وبهجة وفرحا في قلوبهم,
” وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا “
وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا, ويلبسون فيها الحرير الناعم,
” متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا “
متكئين فيها على الأسرة المزينة بفاخر الثياب والستور, لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد,
” ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا “
وقريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم, وسهل لهم آخذ ثمارها تسهيلا.
” ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير “
ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضية, وأكواب الشراب من الزجاج,
” قوارير من فضة قدروها تقديرا “
زجاج من فضة, قدرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص,
” ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا “
ويسقى هؤلاء الأبرار في الجنة كأسا مملوءة خمرا مزجت بالزنجبيل,
” عينا فيها تسمى سلسبيلا “
يشربون من عين في الجنة تسمى سلسبيلا لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه
” ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا “
ويدور على هؤلاء الأبرار لخدمتهم غلمان دائمون على حالهم, إذا أبصرتهم ظننتهم- لحسنهم وصفاء ألوانهم إشراق وجوههم- اللؤلؤ المفرق المضيء.
” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا “
وإذا أبصرت أي مكان في الجنة رأيت فيه نعيما لا يدركه الوصف؟ وملكا عظيما واسعا لا غاية له.
” عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا “
يعلوهم ويجمل أبدانهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر, وظاهرها من الحرير الغليظ, ويحلون من الحلي بأساور من الفضة, وسقاهم ربهم فوق ذلك النعيم شرابا لا رجس فيه ولا دنس.
” إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا “
ويقال لهم, إن هذا أعد لكم مقابل أعمالكم الصالحة, وكان عملكم في الدنيا عند الله مرضيا مقبولا.
” إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا “
إنا نحن نزلنا عليك- يا محمد- القرآن تنزيلا من عندنا لتذكرهم بما فيه من الوعيد والوعيد والثواب والعقاب.
” فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا “
فاصبر لحكم ربك القدري واقبله, ولحكمه الديني فامض عليه, ولا تطع من المشركين من كان منغمسا في الشهوات أو مبالغا في الكفر والضلال,
” واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا “
ودوام على ذكر اسم ربك ودعائه في أول النهار وآخره.
” ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا “
ومن الليل فاخضع لربك, وصل له, وتهجد له زمنا طويلا من الليل.
” إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا “
إن هؤلاء المشركين يحبون الدنيا, وينشغلون بها, ويتركون خلف ظهورهم العمل للآخرة, ولما فيه نجاتهم في يوم عظيم الشدائد.
” نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا “
نحن خلقناهم, وأحكمنا خلقهم, وإذا شئنا أهلكناهم, وجئنا بأطوع لله منهم.
” إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا “
إن هذه السورة عظة للعالمين, فمن أراد الخير لنفسه في الدنيا والآخرة اتخذ بالإيمان والتقوى طريقا يوصله إلى مغفرة الله ورضوانه.
” وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما “
وما تريدون أمرا من الأمور إلا بتقدير الله ومشيئته إن الله كان عليما باحوال خلقه, حكيما في تدبيره وصنعه
” يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما “
ويدخل من يشاء من عباده في رحمته ورضوانه, وهم الموفون, وأعد للظالمين المتجاوزين حدود الله عذابا موجعا.
شاهد ايضا: كيفية قراءة سورة الفيل على الظالم
ما هو فضل قراءة سورة الانسان؟
- أنها من سور المفصل الذي أوتيه النبي – صلى الله عليه وسلم – نافلة ففضل به على سائر الأنبياء.
واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت مكان التوراة السبع الطوال … وفضلت بالمفصل”. - كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ بها في صلاة الليل.
- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ بها في صلاة الصبح يوم الجمعة في الركعة الثانية يديم ذلك.
- عن أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بـ …. وفي الثانية هل أتى .