أسباب ظهور الحكمة في العصر العباسي الثاني
أسباب ظهور الحكمة في العصر العباسي الثاني كثيرة ومتنوعة والتي نقدمها لكم من خلال مقالنا بالإضافة غلى معرفة عوامل تطور شعر الحكمة وخصائص شعر الحكمة.
محتويات الموضوع
أسباب ظهور الحكمة في العصر العباسي الثاني
- ذكرت المصادر العديد من العوامل التي ساهمت كثيرًا في ازدهار الحكمة في العصر العباسي، لدرجة أن بعض المؤرخين يلقبونه بعصر الحكماء؛ لما فيه من شعراء، وأدباء عرفوا بأن الحكمة شكلت أساس شعرهم، وأدبهم، ومن أهم تلك العوامل:
- ضعف أثر حياة البداوة، والتأثر الكبير في الحضارة الفارسية القديمة، والسير على نهجها وكان هذا العامل ظاهرًا في العراق، فنشأ عن ذلك تلاشي سلطة العرب؛ وتمتُّع شباب الجيل الجديد بكل ما كان لا يتمتع فيه شباب الجيل العربي في العهد الماضي، فتساوى الغالب والمغلوب في كل شيء، فأدى إلى تلاشي سلطة الدين، بسبب حداثة القوم، ولتأثير ديانتهم القديمة الموروثة عليهم.
- تطور العلوم بشكل كبير وواضح مما أدى إلى ضرورة انتهاج منهج علمي في التفكير كي يساعد الباحثين عن الحقائق إلى الاهتداء لها بواسطة العقل؛ لذلك فهم بحاجة إلى الحكمة، فتطورت وازدهرت.
- تشعب العلوم الدينية وتطورها مما أدى إلى ضرورة وجود حكماء، يفصلون في المسائل الدينية، ويوظفون العقل أداةً لحسم المسائل الدينية، والعقائدية.
- انتشار الحكمة الفارسية والهندية، التي تتسم بالتصوف والزهد.
- التوسع الكبير في حركة الترجمة، والنقل عن الثقافات الأخرى مثل الفارسية، واليونانية، وغيرها من الحضارات، فاطَّلع العرب على مؤلفات أفلاطون وأرسطو، وغيرهم من فلاسفة، وحكماء اليونان الذين كان لهم الأثر البالغ في الحكمة العربية في العصر العباسي.
خصائص شعر الحكمة في العصر العباسي
إن شعر الحكمة في العصر العباسي يتميز بمجاله الفكري في وجود النزعة إلى التجديد حيث أنه قد وُجد مبدأ التخير أي تخير الأحسن من الحضارات حيث أنه كان لهذا المبدأ آثار إيجابية كثيرة على العقل العربي، فقد كان لشعر الحكمة في العصر العباسي خصائص منها:
- تفتح العقل العربي على ثقافة الحضارات المجاورة له مثل الحضارات الفارسية والرومية والهندية.
- قام على إيجاد التمازج بين الثقافات العربية وثقافة الحضارات الأعجمية.
- إن هذا المبدأ عمل على ازدهار الحياة الأدبية حيث أنه تميز بوجود أدباء كانوا قد تميزوا بالأصالة والإبداع والتجديد في الشعر وايضاً النثر، وتم ذلك بسبب صلة الأدباء بالمنطق والفلسفة.
- إن هذه الصلة التي تم ذكرها مؤخراً أدت إلى امتزاج العقل بالعاطفة في العديد من الآثار الأدبية للعصر العباسي سواء كانت نثراً أو شعراً.
- عمل على تزايد القصائد الشعرية التي تخللها الكثير من الحكم والمواعظ أو هناك بعض القصائد كانت تطرح بعض القضايا الفلسفية.
- أصبح الشعراء في هذا العصر يخضعون شعرهم للعقل أو الفلسفة أو حتى المنطق.
- فتح باب الأخلاق الحميدة وعمل على تصويرها مثل الكرم والحياء والعفة وأيضاً الصبر.
- عبر عن تجربة الشاعر بالإضافة إلى خبرته في الحياة وتم ذلك عن طريق التنوع في استخدام المحسنات اللفظية والبديعية.
- قام على إتاحة مواضيع تضمنت في طياتها مادة طريفة لتأديب الأجيال، حيث أنه هذه المواضيع حثت على الأخلاق الفاضلة.
- إن الشاعر في الشعر الحكمي اعتمد على تواجد المقدمة الطلليَّة، حيث أنه يعرض من خلالها خبراته في الحياة ويستطرد في ذكر حنينه لماضيه.
- من خصائص الشعر الحكمي أنه صور الطبيعة وعناصرها، بالإضافة إلى أنه وصف الصحراء والقصور في المقدمات الطللية التي تضمنت الشعر أو النثر.
- الشعر الحكمي في العصر العباسي يخلو من التكلف والألفاظ الصعبة، والسبب يكمن في أن هذا الشعر يكون غرضه واضح لهذا يجب أن يتميز بألفاظ سهلة حتى يتم فهم الغرض وعدم وجود الالتباس فيه.
خاتمة عن شعر الحكمة في العصر العباسي
لا يدفعنا إلى كتابة خاتمة عن الشعر في العصر العباسي إلا الأهمية البالغة لهذا الأمر والتي تكمن فيما وصل إليه الشعر العربي من تطور وتغير إيجابي خلال هذه الحقبة من التاريخ، فلقد كان هذا العصر بمثابة نقلة مختلفة شب فيها الشعر العربي عن التوق وبات هو لغة الحديث والحوار في المجالس والشوارع وأي تجمع، وإذا أردنا كتابة خاتمة عن الشعر في العصر العباسي يمكننا أن نقول:
- “لقد استطاع الشعر العباسي أن يرتقي بعقلية وفكر جميع من عاصروا هذه الحقبة من التاريخ الإسلامي والإنساني حتى العوام من الناس، ويرجع الفضل في ذلك إلى شعراء العصر العباسي الذي أضفوا الكثير والكثير من التغييرات والتطورات، والتي كان ورائها التخبطات السياسية والدينية والصدامات الفكرية التي كانت ناشبة آنذاك والتي لعبت دورها في تشكيل وجهات وفكر شعراء هذا العصر.
- تؤكد التغيرات والترنحات والاضطرابات التي مر بها الشعر خلال فترة حكم العباسيين ما بين تطور وازدهار وبين ضعن وتدني، أن الإبداع لا يعرف قيدًا أو حدًا ومهما كانت الظروف فإن العقل والعاطفة البشرية تبقى دومًا قادرة على بذل الأفضل، بأمام ما كان يتمتع به الشعر العربي من ألفاظ ومعاني وأخيلة تشع منها روح البداوة منذ قرون طويلة، جاء شعراء العصر العباسي لكي تنقلب الموازين ويحل محل هذه الأساسيات الراسخة ألفاظ ومعانٍ وأغراض وخصائص تتماشى مع الروح المدنية الحضرية الجديدة.
- يمكننا استنتاج أمر هام من خلال الاضطلاع على طبيعة الشعر في العصر العباسي وهو أن ترنح الحضارة وتخبطها في بعض الأحيان يكون إيجابيًا، وخير دليل على ذلك هو الانتقال والتغيير الجذري الذي حل بالشعر على طول امتداد تاريخ الدولة العباسية في عصورها الأربعة، فإن ضعف وسقوط الحضارة وأفول نجمها وغياب شمسها قد يكون إيذانًا لفجر جديد بالطلوع وولادة عصر جديد بحضارة مغايرة
عوامل تطور الحكمة في العصر العباسي
- الحرية الواسعة التي وجدها الشعراء في ساحة النظم، فقد أطلقوا العنان لخيالهم الخصب في كل شيء وجدوه أمامهم، معبّرين بمشاعرهم ووجدانهم دون خوف او تردد او استحياء.
- التوسع الحضاري وانتشار الثقافة الاسلامية وانفتاح الناس على عوالم جديدة من المعرفة والثقافات الجديدة.
مظاهر الطبيعة الخلابة وماحوتهُ من انهار وازهار واطياف حيث فسحت المجال للشعراء ولاسيما شعراء الوصف لتقديم قصائد ومقطوعات رائعة في هذا المجال. - كانت مجالس الخلفاء منتدى لهؤلاء الشعراء وملتقى الظرفاء الذين يأتونها من كل مكان طلباً للكسب او التمتّع بملذات الحياة التي كانت قائمة آنذاك ورؤية معالم الحضارة في ظل الدولة الجديدة.
- اغلب الخلفاء العباسيين كانوا مثقفين وشعراء لهم مناقشات ومناظرات ومحاورات دونتها كتب التراجم والسير والآداب والمصنفات في هذا المجال.
- حب الخلفاء للشعر وتقديرهم للشعراء وتشجيعهم للنظم والانشاد.
- اغداق الاموال الوفيرة على الشعراء مما شجّعهم على الاكثار من قول الشعر.
- ان الحضارة في العصر العباسي الاول دخلت في كل منحى من مناحي الحياة في النظم والتقاليد ومجالس الطرب والغناء وبناء الدور والقصور واستخدام وسائل جديدة في الأطعمة والألبسة وفي الفرش والآثاث والزينة، كل هذه الامور مجتمعة دعت الشعراء الى النظم في موضوعات مختلفة وجديدة لم تكن معروفة في العصور السابقة.
سمات شعر الحكمة في العصر العباسي
ظهرَ شعرُ الحكمةِ منذُ العصرِ الجاهليّ، إذ لم تخلوا الحياة من أصحابِ الحكمةِ والرأي السديدِ، ولكنه ازدهر في العصر العباسي بصورة كبيرة، وذلك بسبب تقدم العلم والفتوحات واتساع رقعة الدولة الإسلامية التي ساهمت في امتزاج الأمم المختلفة، وحركة التبادل التجاريّ والثقافيِّ والعلمي، وحركات الترجمة، وكثرة القراءة والتجارب الحياتيَّة التي خاضها النَّاسُ.
أطلقَ الشعراءُ عنانهم في كتابةِ أشعارِ الحكمةِ، كما كتبوا النثرَ وأبدعوا فيهِ، وهناكَ الكثيرُ من الشعراءِ الّذينَ ذاعت أسماءهم واشتهروا في أشعارِ الحكمةِ، ولهم الكثيرُ من النماذج المذهلة. ومن المميزات التي ظهرت في أشعارِ الحكمة دونَ غيرها في العصر العباسي، منها ما يأتي:
- يخلو من التعقيد والتكلُّف، فقد كان واضحًا وبسيطًا.
- يعبر شعر الحكمة عن تجارب الشعراءِ ونصائحهم للعامة، ولذلك هناكَ جديَّة في أبياته.
- تحثُّ أبياتُ الحكمةِ على الأخلاقِ الحميدةِ والخِصالِ النافعةِ.
- يكثر في شعر الحكمة التشبيهات التصويريَّة التي تساعدُ الأفراد على الفهمِ الصحيحِ للأبياتِ.
- أصبحت الحكمة في العصر العباسي واسعة بمدلولاتها ومتنوعةً بأهدافها ونبيلةً بمقاصدها.
- يظهر المواقف الطريفة في شعرِ الحكمةِ والتي تُعمقُ فهمَ النصوصِ.
- يعتمد الشاعر على تواجُد المقدمة الطلليّة.
- يظهر عدد من نواحي الغموض في الأبيات الشعرية خاصة عندما يستخدم الشاعر الرموز في الأبيات.
- يستخدم الشاعر المقدمة الطللية.
كيف نشأت الحكمة؟
نشأ بيت الحكمة أولاً كمكتبة ثم أصبح مركزاً للترجمة، ثم مركزاً للبحث العلمي والتأليف، ثم أصبح داراً للعلم تقام فيه الدروس وتمنح فيه الإجازات العلمية، ثم ألحق به بعد ذلك مرصداً فلكياً هو مرصد الشماسية.